This is posted with the permission of the author Dr. Mahmoud Roushdy.
Comments are welcomed.
الأستاذ الدكتور محمود رشدى
المستشار بالإكاديمية
الحديثة بالمعادى
تأملات فى البيئة
تتعرض القاهرة الكبرى هذه الأيام لما اعتدنا أن نطلق عليه السحابة السوداء والتى تعودنا أن نستقبلها فى المساء وتستمر طوال الليل حتى مطلع الصباح فتزكم الأنوف وتسبب لنا ضيقاً شديداً فى التنفس.
ويشاهد المسافر بالقطار من القاهرة إلى الإسكندرية ألسنة النيران ترتفع فى حقول الأرز للتخلص من قش الأرز الذى حولته دولاً كثيرة فى العالم إلى منتجات ذات فائدة لمواطنيهم مثل الأسمدة واستخلاص السليلوز الذى يدخل فى صناعة الورق والأعلاف الحيوانية بل تصنيع قوالب للبناء ذات درجة صلابة عالية، ولكننا فى مصر نضيق ذرعاً بهذا القش ونناصبه العداء فنلجأ إلى إبادته حرقاً.
ليس هذا وحسب، لكن تلجأ جهات مسئولة بالدولة إلى عمليات حرق مكشوف للقمامة التى تنتج منها القاهرة الكبرى يومياً ما يزيد عن 12 ألف طن، وكم سمعنا عن عمليات تدوير القمامة وتحويلها إلى سماد عضوى كما هو متبع فى جميع بلاد العالم بل ولا يوجد فى العالم بلد واحد يعانى من مشاكل القمامة أو بلد فى العالم يضم بين جنباته قرية للزبالين ومع هذا حين ظهر وباء حمى الخنازير سارعنا بقرار عشوائى متسرع بإبادة مزارع الخنازير عن آخرها دون مراعاة إلى أنها كانت وسيلة للتخلص من نسبة كبير من القمامة كما أنها كانت مصدر الزرق الوحيد للعاملين بها ولمالكيها.
وعجباً تقوم الدولة بتحصيل رسم للنظافة قسراً وتعسفاً مع فاتورة الكهرباء ندفعه ونحن صاغرين لا نملك من الأمر شيئاً فهو فرمان ملوكى غير قابل للمناقشة فأين تذهب حصيلة هذا الرسم الغامض؟
وقبلها 2% نظافة منذ عشرات السنين.
لقد طالعتنا الصحف الأسبوع الماضى بخبر هام استبشرنا به خيراً مفادة القبض على بعض المجرمين الخارجين على القانون وهم فى حكم الإرهابيين وتحويلهم للنيابة وإخطار وزير البيئة بالواقعة المؤسفة التى تتمثل فى اصطياد هؤلاء المجرمين لصقر صغير من إحدى المحميات الصحراوية التى تعيش فيها هذه الصقور البرئية وهى من الأنواع النادرة التى نخشى عليها من الأنقراض وقامت وزارة البيئة باتخاذ الإجراءات الفورية اللامة لردع هؤلاء المجرمين – عجبى!!
وبالمناسبة يوجد لدينا شرطة للبيئة ومندوبين من جهاز شئون البيئة لهم سلطة الضبطية القضائية ولدينا قانون البيئة رقم 4 لسنه 94 لكنه مصاب بالشلل والعياذ بالله بل ربما قد أصيب بالسكتة القلبية.
إن هواء القاهرة الكبرى الآن على الخريطة الصحية العالمية به أعلى نسبة من الملوثات من أكاسيد كربون وأكاسيد كبريت ونتروجين ورصاص وشوائب عالقة تفوق المعدلات المسموح بها عالميا، وهناك ألاف المركبات تجرى فى شوارع القاهرة تنفث سمومها دون أن تعترضها شرطة المرور أو شرطة البيئة التى لا ندرى الواجب المنوط بها تنفيذه، وهذه المركبات جميعها قد أجازت صلاحية السير بالفحص فى إدارات المرور والحصول على صلاحية السير مقابل رسم مالى.
ويجب ألا ننسى شباب ثورة 25 يناير المباركة حين شمروا عن سواعدهم الفتية وقاموا بحملة تنظيف وتجميل للشوارع والميادين، وفى المقابل ورداً للجميل يقوم المواطنون بنشر تلال القمامة فى مختلف أنحاء المدينة لتكون مرتعاً للحشرات الناقلة للأمراض والكلاب الضالة.
ودون أن تتحرك الإجهزة المسئولة للتخلص من هذا العار؟ ألا نخشى على شباب الثورة من أن يصيبه الإحباط واليأس؟
أخيراً وليس أخراً يحسب لوزارة البيئة أنها تحتفل سنوياً باليوم العالمى للبيئة وتقام الندوات والليالى الملاح ويلقى الوزير خطابا بالإنجازات والمنجزات فهل لنا علاقة من قريب أو بعيد بأنظمة البيئة فى دول العالم بل وما نتائج مشروع تحسين هواء القاهرة الكبرى الذى مولته هيئة المعونة الأمريكية سابقاً بما يقرب من 36 مليون دولار تضمن خمسة بنود رئيسية أحدها بند (الوعى البيئى) وذلك عن طريق برامج دعائية فى وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية ومع هذا لم نشاهد برنامجاً واحداً فى التليفزيون يدعو لتوعية المواطنين بأهمية الحفاظ على البيئة وهى أولاً وأخيراً مسئولية مشتركة بين المواطنين ووزارة البيئة بالمقام الأول ثم الإعلام والصحة والسياحة، وبالمناسبة ما أكثر برامج التوك شو والفيديو كليب التى يبثها التليفزيون.
ولابد من ضرورة تجريم إلقاء المواطنين للقمامة بالشوارع وتغليظ عقوبة ذلك والاستعانة (بشرطة البيئة) فى التنفيذ.
ولكن وبالتوازى ما هى الوسيلة العصرية والمقبولة لتداول القمامة بدءاً من باب المسكن حتى مكان التجميع وأن تكون داخل أكياس خاصة تصرف للمواطنين من حصيلة رسم النظافة على فاتورة الكهرباء وهو لازال بنداً غامضاً حتى الآن.
انتبهوا أيها السادة.
مصر الثورة تناديكم
No comments:
Post a Comment